كلمة المحرر

 

الأسد ذاهب لا محالة بإذن الله

 

 

 

 

        منذ مارس 2011م بدأت الثورة الشعبية ضد دكتاتورية الأسد في سوريا، ويوم 8/ديسمبر 2013م مضى عليها ألف يوم، استشهد خلالها 150000 من الشعب السوري ونزح عنها – سوريا – ثلاثة ملايين نجاة بأنفسهم ولجاؤا إلى بلاد شتّى، كما أن ستة ملايين ونصف مليون من السوريين تشرّدوا داخل سوريا عن أوطانهم.

     إن النظام الأسدي الدكتاتوري صبّ على السوريين من الويلات ما لم تصبّه دكتاتورية في العصر الحاضر على المواطنين؛ حيث قتلتهم بآلات الحرب الثقيلة كلها التي تستخدم في الحرب ضدّ الأعداء من خارج البلاد الذين يمارسون عدوانًا صارخًا ضدّها؛ حيث حاصرت حكومة الأسد الدكتاتورية الوحشية المناطق السكنية بالمصفحات والمدرعات والدبابات، ثم قصفتهما بالقاذفات والمقاتلات والمدافع والصواريخ وأمطرتها بالقنابل، وحوَّلت المساجد والمدارس والمستشفيات كومة من الرماد ودمرت المباني السكنية عن آخرها بمن فيها من السكان، فانتشرت الجثث والأشلاء في كل مكان، وتحولت البلاد كلها خرابًا يبابًا، فمعظم المدن عادت لاداعي فيها ولا مجيب، ولاحقت القوات الأسدية اللاجئين والمشردين حتى في المخيمات واستهدفت فيها هي الأخرى السيدات والأطفال والشيوخ بالهجوم الجويّ وقصفتهم بالصواريخ.

     إن إيران الشيعية و«حزب الله» اللبنانية الشيعية المُمَدَّة من قبل إيران تساندان علنًا وجهارًا بشار الأسد العلوي النصيري الشيعي بالمال والرجال والمعدات وجميع المساعدات العسكرية وتحاربان الشعب السوري متكاتفتين مع الأسد. وفي جانب آخر إن أمريكا والدول الغربية كلها تمارس النفاق وتتعامل بازدواجيّة صارخة، فبينما هي تتظاهران بالوقوف بجانب الشعب السوري المظلوم؛ إذ هما تماطلان تجاه القضية بأسرها؛ لأنهما تدركان أن «إسرائيل» مأمونة على عهد الأسد أمنًا قد لا تكون مأمونة مثله إذا تغيّر النظام في سوريا وأمسكت بزمام الحكم فيها الأغلبية السنية المسحوقة اليوم بيد الأسد. أمّا الصين وروسيا فتناصران الأسد كذلك؛ لأنه يمثل حزب البعث العربي الحاكم في سوريا، الذي هو في الأصل حزب شيوعي، وكلٌّ من الصين وروسيا لاتزالان تهويان الشيوعية التي فشلت وهوت على رأسها منذ سنوات، ولكنهما لا تزالان تعبدانها ميتةً. وانطلاقًا من ذلك كلتاهما تمارسان حق النقض ضدّ كل قرار يقدم من قبل الرأى العالمي العام في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإدانة الأسد ونظامه.

     أمّا العرب السنة فلا جامع يجمعهم، ولا قاسم مشترك يوحدهم، حتى يضغطوا على الرأي العالمي، وحتى يتخذوا قرارًا صارمًا ضدّ الأسد تضطر أمريكا ودول الغرب لتنفيذه على الرغم منها.

     وعلى ذلك فالشعب السوري ليله يطول، ومعاناته تشتد، وجراحه تنتقض، ولا يجد من يضع المرهم على جراحهِ ويمسح دموعه، بشكل يحسم قضيته ويزيل مصيبته، رغم جميع الدول العربيّة الواسعة الحدود الغنية بالإمكانيات التي يحكمها أهل السنة من العرب والتي توجد حول سوريا.

     لكن هناك تباشير مؤكدة أن الأسد قد فقد سيطرته على معظم الأراضي السورية، وعاد لا يقدر على استخدام الجيش البري، ومن ثم يستند إلى استخدام الجيش الجوي الذي يقصف الشعب السوري في قسوة و وحشية. [التحرير]

 

(تحريرًا في الساعة 9 من الليلة المتخللة بين الأربعاء والخميس: 11-12/ربيع الثاني 1435هـ = 12-13/فبراير 2014م)

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، جمادى الأولى 1435 هـ = مارس 2014م ، العدد : 5 ، السنة : 38